26 - 07 - 2025

مؤشرات | إنذار خطر.. الديون ورقم مقلق بعد 5 سنوات

مؤشرات | إنذار خطر.. الديون ورقم مقلق بعد 5 سنوات

أرقام مزعجة جداً نشرها صندوق النقد الدولي في تقرير له حول حجم الدين الخارجي لمصر بين العام الجاري 2025 إلى العام 2030، ليرتفع من 162,7 مليار دولار بما يعادل (8 تريليونات و135 مليار جنيه" إلى 202 مليار دولار أي (10 تريليونات و100 مليار جنيه).

الارتفاع يتم تدريجياً خلال السنوات الخمس المقبلة بواقع 39.3 مليار دولار بما يوازي "تريليون و965 مليار جنيه"، وما توقعه صندوق النقد يشير إلى بلوغ حجم الدين الخارجي 180,6 مليار دولار في 2026، ثم 186,6 مليار دولار في 2027، و189,1 مليار دولار في 2028، و194,1 مليار دولار في العام 2029.

وهذا يعني أن معدل الزيادة خلال خمس سنوات يزيد عن 24% في حجم الدين الخارجي، وهو ما يؤشر إلى زيادات مستمرة في حجم الاستدانة من الخارج بشكل سنوي وهو ما يمثل عبئاً من عام إلى أخر، مع ملاحظة أنه وخلال تلك السنوات سيتم سداد مستحقات سنوية، منها حوالي 55 مليار دولار عبارة عن قروض وفوائد مطلوب سدادها خلال العام المالي 2025 /2026.

ولا توجد أرقام محددة حول حجم الديون المستحقة في السنوات التالية، إلا أن الاحتمالات تؤكد أن حجمها كبير، خصوصا أن الديون متوسطة وطويلة الأجل تمثل نحو 82% من إجمالي الدين الخارجي، بنحو 127.5 مليار دولار، وتشكل الديون قصيرة الأجل الـ 27.7 مليار دولار.

وهناك نقطة إيجابية لفتت إليها توقعات صندوق النقد الدولي بأن هذا الارتفاع في القيمة المطلقة للدين، فالمرجح أن تنخفض نسبة الديون الخارجية إلى الناتج المحلي الإجمالي المصري من 46% في يونيو 2025 إلى 34% بحلول منتصف 2030، وهذا التراجع يستند على مؤشرات نمو اقتصادي متوقّع في مصر وهو ما قد يسهم في تخفيف عبء الدين كنسبة من الناتج الإجمالي.

وفي كل الأحوال فإن هذه الأرقام كاشفة عن تراكم للديون الخارجية بشكل يتطلب دراسة مخاطرها على الأوضاع الاقتصادية والحياة المعيشية للمواطنين، بغض النظر عن مستويات دخولهم، في ظل حالة الغلاء التي تعم البلاد.

وارتفاع الديون الخارجية بمثابة خطر كبير على الاقتصادات، خاصةً النامية، وقد يؤدي إلى تداعيات سلبية على النمو الاقتصادي والاستقرار المالي، فزيادة الديون الخارجية تزيد من احتمالية عدم القدرة على الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه الدائنين، وتخصيص جزء كبير من الميزانية لسداد الديون يقلل من الأموال المتاحة للإنفاق على الخدمات الاجتماعية والبنية التحتية.

ومن مخاطر ارتفاع حجم الديون يؤثر سلباً على الاستثمار والإنتاجية، مما يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي، كما يؤدي إلى ضغوط على العملة المحلية، مما يزيد من تكاليف الاستيراد ويؤثر على القدرة الشرائية للمواطنين.

والاعتماد المفرط على الديون الخارجية يتسبب في فقدان الدول لسيادتها الاقتصادية ولو نسبياً، بفرض شروط قاسية من قبل الدائنين، وخصوصا المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي، وذلك عبر فرض سياسات تقشف مالي تزيد من حالات تفاقم الفقر وزيادة عدم المساواة.

ومن المهم أن نربط هذه الأوضاع برؤية البروفيسور والبرلماني والمفكر الاقتصادي "يانيس فاروفاكيس" وزير المالية اليوناني الأسبق، في حوار مهم نشرته المصري اليوم وأجراه الزميلان مصباح قطب وإنجي عبد الوهاب، حيث قال عن برنامج صندوق النقد والحكومة المصرية، "إن كل برنامج مع الصندوق مثله مثل باقي البرامج التي تهدف إلى إطالة وتعميق تبعية الدولة وتخلفها، ومن الضروري قطع الرابط بين مصر والصندوق.

ولفت إلى أن القيام بذلك يجب أن يتم دون السقوط في دوامة التضخم والمديونية، ويحتاج من الدولة المصرية أن تتحول بالكامل، من خلال تقليص قدرة الطبقة "الأوليغارشية" الصغيرة "وهي تعني - وفقا للتفسير اليوناني – حصر أو احتكار السلطة السياسية بيد فئة صغيرة من المجتمع"، وهنا تأتي الإرادة السياسة في اتخاذ القرار الصحيح.

ولا شك أن وضع الديون الخارجية يتطلب إدارة الدولة لديونها الخارجية بحكمة عالية، مع قدرات على الأرض لتنويع مصادر النمو الاقتصادي، وتقليل الاعتماد على الاقتراض الخارجي.
------------------------
بقلم: محمود الحضري


مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | إنذار خطر.. الديون ورقم مقلق بعد 5 سنوات